هي ما يذبح من الأنعام: "الإبل والبقر والغنم والماعز"؛ تقربا إلى الله سبحانه وتعالى، في يوم عيد الأضحى المبارك وأيام التشريق الثلاث.
الأصل في مشروعيتها قوله تعالى: ((فصل لربك وانحر))، أي صلِّ صلاة العيد، ثم انحر أضحيتك، وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعَنْ اَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: ((ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ اَمْلَحَيْنِ اَقْرَنَيْنِ قَالَ: وَرَاَيْتُهُ يَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ وَرَاَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا قَالَ: وَسَمَّى وَكَبَّرَ)). صحيح مسلم (5200).
حكمتها:
- هي أمر تعبدي نفعله؛ لأن الله أمرنا به، وسنه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وهي إحياء معنى التضحية العظيمة التي قام بها سيدنا إبراهيم عليه السلام.
- وهي مواساة للفقراء والمساكين وإدخال السرور عليهم.
- وهي تقوية روابط الأخوة وغرس روح الجماعة.
حكمها:
هي سنة مؤكدة، ولا تجب إلا بالتعيين أو بالنذر.
وهي سنة في حق من وجدت فيه الشروط التالية:
- الإسلام.
- البلوغ والعقل لأن غيرهما ساقط عنه التكليف.
- الاستطاعة.
اجمع العديد من علماء الدين على جواز صك الاضحية وعلى رأسهم الدكتور على جمعة مفتى مصر الذي أوضح أن هذا الصك يعد نوعاً من أنواع الوكالة، وهي جائزة في النيابة عن الذابح في الأضحية، ويجب على الوكيل مراعاة الشروط الشرعية للأضحية من سنها وسلامتها ووقتها الذي يبدأ من بعد صلاة عيد الأضحى إلى مغرب آخر يوم من أيام التشريق، وهو رابع يوم العيد، وأن يتم توزيعها على المستحقين، وألا يأخذ الجزار منها أجره، إلى آخر الشروط الشرعية المرعية في هذا المقام.
ويتفق معه فى الرأى الدكتور فرحات السعيد المنجى -من علماء الأزهر- والذى يقول : أرى ان مشروع (صك الاضحية) من المشروعات الجائزة والناجحة والتى تعود بالفائدة على سائر المسلمين فى كل مكان ، وسأوضح كيف يكون ذلك ، بمنتهى البساطة كلنا نعلم ان الأضحية شعيرة من شعائر الحج والعمرة ،وفى موسم الحج تسير فى الطرقات قد تتعثر فى الذبائح الملقاة فى الشوارع وذلك من كثرتها فلا أحد يقدر على توزيع الذبيحة كلها فنجد الكثير من اللحوم التى لا تجد من يأكلها ، فلما لا يتولى مكان ما ذبح الأضحية وتوزيعها بشكل جيد على من يستحقها ، طالما انه سيذبحها بالطريقة الشرعية
ويقول الدكتور طه الدسوقى حبيشى استاذ العقيدة بجامعة الأزهر : رغم استحباب قيام المسلم بذبح أضحيته أو رؤيتها عند الذبح إلى أن بعض المسلمين لا يستطيعون فعل ذلك بأنفسهم ، ولذلك أجاز الشارع التوكيل بذبح الأضحية، فالوكالة في الأضحية مشروعة وعلى الوكيل أن يلتزم بالأوصاف التي يشترطها الشرع فيها من حيث وقتها وتوزيعها على من يستحقها .
كما يجب التشديد على أن يلتزم الوكيل بتوزيع لحم الأضحية كما ورد عن الفقهاء بأن يكون الثلث لصاحبها والثلث للفقراء والمساكين والثلث للهدايا، ولو أخرجها كلها للفقراء فلا بأس بذلك، وعليه أن يلتزم بتعليمات موكله بشأن أضحيته، وبناء على هذا فإن ما عرف هذه الأيام (بصك الأضحية) أمر جائز ومشروع
يشترط للأضحية ستة شروط :
أحدها :
أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها لقوله تعالى: ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الاَْنْعَـمِ ) وبهيمة الأنعام هي الإبل ، والبقر ، والغنم هذا هو المعروف عند العرب ، وقاله الحسن وقتادة وغير واحد .
الثاني :
أن تبلغ السن المحدود شرعاً بأن تكون جذعة من الضأن ، أو ثنية من غيره لقوله صلى الله عليه وسلّم : " لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " . رواه مسلم .
والمسنة : الثنية فما فوقها ، والجذعة ما دون ذلك .
فالثني من الإبل : ما تم له خمس سنين .
والثني من البقر : ما تم له سنتان .
والثني من الغنم ما تم له سنة .
والجذع : ما تم له نصف سنة ، فلا تصح التضحية بما دون الثني من الإبل والبقر والمعز ، ولا بما دون الجذع من الضأن .
الثالث :
أن تكون خالية من العيوب المانعة من الإجزاء وهي أربعة :
1 ـ العور البين : وهو الذي تنخسف به العين ، أو تبرز حتى تكون كالزر ، أو تبيض ابيضاضاً يدل دلالة بينة على عورها .
2 ـ المرض البين : وهو الذي تظهر أعراضه على البهيمة كالحمى التي تقعدها عن المرعى وتمنع شهيتها ، والجرب الظاهر المفسد للحمها أو المؤثر في صحته ، والجرح العميق المؤثر عليها في صحتها ونحوه .
3 ـ العرج البين : وهو الذي يمنع البهيمة من مسايرة السليمة في ممشاها .
4 ـ الهزال المزيل للمخ : لقول النبي صلى الله عليه وسلّم حين سئل ماذا يتقي من الضحايا فأشار بيده وقال : " أربعاً : العرجاء البين ظلعها ، والعوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعجفاء التي لا تنقى ". رواه مالك في الموطأ من حديث البراء بن عازب ، وفي رواية في السنن عنه رضي الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : " أربع لا تجوز في الأضاحي " وذكر نحوه . صححه الألباني من إرواء الغليل ( 1148 )
فهذه العيوب الأربعة مانعة من إجزاء الأضحية ، ويلحق بها ما كان مثلها أو أشد، فلا تجزىء الأضحية بما يأتي :
1 ـ العمياء التي لا تبصر بعينيها .
2 ـ المبشومة ( التي أكلت فوق طاقتها حتى امتلأت ) حتى تثلط ويزول عنها الخطر .
3 ـ المتولدة إذا تعسرت ولادتها حتى يزول عنها الخطر .
4 ـ المصابة بما يميتها من خنق وسقوط من علو ونحوه حتى يزول عنها الخطر .
5 ـ الزمنى وهي العاجزة عن المشي لعاهة .
6 ـ مقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين .
فإذا ضممت ذلك إلى العيوب الأربعة المنصوص عليها صار ما لا يضحى به عشرة . هذه الستة وما تعيب بالعيوب الأربعة السابقة .
الشرط الرابع :
أن تكون ملكاً للمضحي ، أو مأذوناً له فيها من قبل الشرع ، أو من قبل المالك فلا تصح التضحية بما لا يملكه كالمغصوب والمسروق والمأخوذ بدعوى باطلة ونحوه ؛ لأنه لا يصح التقرب إلى الله بمعصيته . وتصح تضحية ولي اليتيم له من ماله إذا جرت به العادة وكان ينكسر قلبه بعدم الأضحية .
وتصح تضحية الوكيل من مال موكله بإذنه .
الشرط الخامس :
أن لا يتعلق بها حق للغير فلا تصح التضحية بالمرهون.
الشرط السادس :
أن يضحي بها في الوقت المحدود شرعاً وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ، فتكون أيام الذبح أربعة : يوم العيد بعد الصلاة ، وثلاثة أيام بعده ، فمن ذبح قبل فراغ صلاة العيد ، أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر لم تصح أضحيته ؛ لما روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله وليس من النسك في شيء ". وروى عن جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه قال : شهدت النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى ". وعن نبيشة الهذلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل " رواه مسلم. لكن لو حصل له عذر بالتأخير عن أيام التشريق مثل أن تهرب الأضحية بغير تفريط منه فلم يجدها إلا بعد فوات الوقت ، أو يوكل من يذبحها فينسى الوكيل حتى يخرج الوقت فلا بأس أن تذبح بعد خروج الوقت للعذر ، وقياساً على من نام عن صلاة أو نسيها فإنه يصليها إذا استيقظ أو ذكرها .
ويجوز ذبح الأضحية في الوقت ليلاً ونهارا ً، والذبح في النهار أولى ، ويوم العيد بعد الخطبتين أفضل ، وكل يوم أفضل مما يليه ؛ لما فيه من المبادرة إلى فعل الخير[center]