بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسوله الامين و على اله و صحبه الطاهرين ، و بعد :
فالدعاء طريق النجاة و سلم الوصول و مطلب العارفين و مطية الصالحين و مفزع المظلومين و ملجأ المستضعفين ، به تستجلب النعم و بمثله تستدفع النقم . ما اشد حاجة العباد اليه و ما اعظم ضرورتهم اليه لا يستغنى عنه المسلم بحال من الاحوال .
و الدعاء من انفع الادوية و هو عدو البلاء يدافعه و يعالجه و يمنع نزوله و يرفعه او يخففه .
و امر هذا شأنه حرى بالمسلم ان يقف على فضائله و آدابه
نسأل الله ان يتقبل منا و منكم الدعاء و صالح الاعمال .
<<< فضائل الدعاء >>>
للدعاء فضائل لا تحصى و ثمرات لا تعد و يكفى انه نوع من انواع العبادة بل هو العبادة كلها كما اخبر النبى صلى الله عليه و سلم بقوله " الدعاء من العبادة " و ترك الدعاء استكبار عن عبادة الله كما قال تعالى " و قال ربكم ادعونى استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين "
و هو الدليل على التوكل على الله و ذلك لان الداعى حال دعائه مستعين بالله مفوض امره اليه وحده دون سواه . كما انه طاعة لله عز و جل و استجابة لامره قال تعالى " و قال ربكم ادعونى استجب لكم " .
و هو سلاح قوى يستخدمه المسلم فى جلب الخير و دفع الضر ، قال صلى الله عليه و سلم : " من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له ابواب الرحمة و ما سئل الله شيئا يعطى احب اليه من ان يسأل العافية ان الدعاء ينفع ما نزل و ما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء "
و هو سلاح استخدمه الانبياء فى اصعب المواقف ، فها هو النبى صلى الله عليه و سلم فى غزوة بدر عندما نظر الى المشركين و هم الف و اصحابه ثلاثمائة و تسعة عشر استقبل القبلة ثم رفع يديه قائلا " اللهم انجز لى ما وعدتنى اللهم آت ما وعدتنى اللهم ان تهلك هذه العصابة من اهل الاسلام لا تعبد فى الارض " فما زال يهتف بالدعاء مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه فأتاه ابو بكر فأخذ رداؤه و القاه على منكبه ثم التزمه من ورائه و قال : يانبى الله كفاك مناشدتك ربك فانه سينجز لك ما وعدك "
و ها هو نبى الله ايوب عليه السلام يستخدم سلاح الدعاء بعدما نزل به من انواع البلاء و انقطع عنه الناس و لم يبقى احد يحنو عليه سوى زوجته و هو فى ذلك كله صابر محتسب فلما طال به البلاء دعا ربه قائلا : " و ايوب اذ نادى ربه انى مسنى الضر و انت ارحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر "
و الدعاء سبب لتفريج الهموم و زوال الغموم و انشراح الصدور و تيسير الامور و فيه يناجى العبد ربه و يعترف بعجزه و ضعفه و حاجته الى خالقه و مولاه و هو سبب لدفع غضب الله تعالى لقول النبى صلى الله عليه و سلم : " من لم يسأل الله يغضب عليه " ، و ما احسن قول الشاعر :
لا تسألن بنى ادم حاجة .......... و سل الذى ابوابه لا تحجــب
الله يغضب ان تركت سؤاله ........ و بنى ادم حين يسأل يغضب
و هو سلاح المظلومين و مفزع الضعفاء المكسورين اذا انقطعت به الاسباب و اغلقت فى وجوههم الابواب يقول الامام الشافعى :
اتهزأ بالدعاء و تزدريه .......... و ما تدرى بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطى و لكن ..... له امد و للامد انقضاء