هي حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان مـن قـبـيـلة بني سعد(عـتـيـبـه حـآلـيـا)، من أمهات النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الرضاع. كانت زوجة الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن. من بادية الحديبية.
أبناءهاعبد الله بن الحارث
أنيسة بنت الحارث
حذافة بنت الحارث وهي الشيماء، غلب ذلك على اسمها فلا تعرف في قومها إلا به.
روى زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار قال جاءت حليمة بنة عبد الله ام النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر فقام اليها وبسط رداءه فجلست عليه روت عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنها عبد الله بن جعفر
الرضاعةكانت المرضعات تأتين إلى مكة من البادية لإرضاع الأطفال ويفضلن من يكون أبوه حيًا لبره إلا أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يتيماً، مات أبوه عبد الله، فتسلمته حليمة من أمه آمنة بنت وهب ونشأ في بادية بني سعد في الحديبية وأطرافها؛ ثم في المدينة، وعادت به إلى أمه.
وماتت آمنة وعمره ست سنين صلى الله عليه وسلم فكفله جده عبدالمطلب؛ وقدمت حليمة على مكة بعد أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بخديجة بنت خويلد، وشكت إليه الجرب، فكلم خديجة بشأنها فأعطتها أربعين شاة. وقدمت مع زوجها بعد النبوة فأسلما. وجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وهو على الجعرانة، فقام إليها وبسط لها رداءه فجلست عليه. ولها رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنها عبد الله بن جعفر.
توفيت بعد العام الثامن من الهجرة
أرضعتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأتمتْ رضاعه حتى الفصال، وقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم لها ذلك الجميل؛ فعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقْسِمُ لَحْمًا بِالْجِعْرَانَةِ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ بَدْوِيَّةٌ فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالُوا : هَذِهِ أُمُّهُ الَّتِي كَانَتْ تُرْضِعُهُ. مسند البزار (2781) وفيه جهالة. إنها السيدة حليمة بنت أبى ذؤيب عبد الله السعدية مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم . وَعَنْ حَلِيمَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ ، أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّعْدِيَّةِ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ قَالَتْ : خَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ ، عَلَى أَتَانٍ لِي قَمْرَاءَ قَدْ أَذْمَتْ فَزَاحَمْتُ بِالرَّكْبِ . قَالَتْ : وَخَرَجْنَا فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ لَمْ تُبْقِ لَنَا شَيْئًا ، وَمَعِي زَوْجِي الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى . قَالَتْ : وَمَعَنَا شَارِفٌ لَنَا ، وَاللَّهِ إِنْ تَبِضَّ عَلَيْنَا بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ ، وَمَعِي صَبِيٌّ لِي إِنْ نَنَامُ لَيْلَتَنَا مَعَ بُكَائِهِ ، مَا فِي ثَدْيِي مَا يُعْتِبُهُ ، وَمَا فِي شَارِفِنَا مِنْ لَبَنٍ نَغْذُوهُ إِلَّا أَنَّا نَرْجُو . فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ لَمْ يَبْقَ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَأْبَاهُ ، وَإِنَّمَا كُنَّا نَرْجُو كَرَامَةَ رَضَاعِهِ مِنْ وَالِدِ الْمَوْلُودِ ، وَكَانَ يَتِيمًا ، فَكُنَّا نَقُولُ : مَا عَسَى أَنْ تَصْنَعَ أُمُّهُ ؟ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ صَوَاحِبِي امْرَأَةٌ إِلَّا أَخَذَتْ صَبِيًّا ، غَيْرِي ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ آخُذْ شَيْئًا وَقَدْ أَخَذَ صَوَاحِبِي ، فَقُلْتُ لِزَوْجِي : وَاللَّهِ لَأَرْجِعَنَّ إِلَى ذَلِكَ فَلْآخُذَنَّهُ . قَالَتْ : فَأَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُهُ فَرَجَعْتُهُ إِلَى رَحْلِي ، فَقَالَ زَوْجِي : قَدْ أَخْذَتِيهِ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ وَاللَّهِ ، ذَاكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ . فَقَالَ : قَدْ أَصَبْتِ ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ خَيْرًا . فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ جَعَلْتُهُ فِي حِجْرِي قَالَتْ : فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ثَدْيِي بِمَا شَاءَ مِنَ اللَّبَنِ ، قَالَتْ :فَشَرِبَ حَتَّى رُوِيَ وَشَرِبَ أَخُوهُ - تَعْنِي ابْنَهَا - حَتَّى رُوِيَ ، وَقَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفِنَا مِنَ اللَّيْلِ ، فَإِذَا هِيَ حَافِلٌ فَحَلَبَتْ لَنَا مَا سَنَّنَنَا ، فَشَرِبَ حَتَّى رُوِيَ ، قَالَتْ : وَشَرِبْتُ حَتَّى رُوِيتُ ، فَبِتْنَا لَيْلَتَنَا تِلْكَ بِخَيْرٍ ، شِبَاعًا رِوَاءً ، وَقَدْ نَامَ صَبْيَانِنَا ، قَالَتْ : يَقُولُ أَبُوهُ - يَعْنِي زَوْجَهَا - : وَاللَّهِ يَا حَلِيمَةُ مَا أَرَاكِ إِلَّا أَصَبْتِ نَسَمَةً مُبَارَكَةً ، قَدْ نَامَ صَبِيُّنَا وَرُوِيَ . قَالَتْ : ثُمَّ خَرَجْنَا ، فَوَاللَّهِ لَخَرَجَتْ أَتَانِي أَمَامَ الرَّكْبِ قَدْ قَطَعَتْهُ حَتَّى مَا يَبْلُغُونَهَا ، حَتَّى أَنَّهُمْ لَيَقُولُونَ : وَيْحَكِ يَا بِنْتَ الْحَارِثِ ، كُفِّي عَلَيْنَا ، أَلَيْسَتْ هَذِهِ بِأَتَانِكِ الَّتِي خَرَجْتِ عَلَيْهَا ؟ فَأَقُولُ : بَلَى وَاللَّهِ وَهِيَ قُدَّامُنَا . حَتَّى قَدِمْنَا مَنَازِلَنَا مِنْ حَاضِرِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ، فَقَدِمْنَا عَلَى أَجْدَبِ أَرْضِ اللَّهِ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ حَلِيمَةَ بِيَدِهِ إِنْ كَانُوا لَيُسَرِّحُونِ أَغْنَامَهُمْ إِذَا أَصْبَحُوا ، وَيُسَرِّحُ رَاعِي غَنَمِي فَتَرُوحُ غَنَمِي بِطَانًا لَبَنًا حُفَّلًا ، وَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا هَالِكَةً مَا بِهَا مِنْ لَبَنٍ . قَالَتْ : فَشَرِبْنَا مَا شِئْنَا مِنْ لَبَنٍ وَمَا فِي الْحَاضِرِ أَحَدٌ يَحْلِبُ قَطْرَةً وَلَا يَجِدُهَا ، فَيَقُولُونَ لِرُعَاتِهِمْ : وَيْلَكُمُ أَلَا تُسَرِّحُونَ حَيْثُ يُسَرِّحُ رَاعِي حَلِيمَةَ ؟ فَيُسَرِّحُونَ فِي الشِّعْبِ الَّذِي يُسَرِّحُ فِيهِ رَاعِينَا ، وَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا مَا بِهَا مِنْ لَبَنٍ وَتَرُوحُ غَنَمِي حُفْلًا لَبَنًا . قَالَتْ : وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي شَهْرٍ ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي سَنَةٍ ، فَبَلَغَ سِتًّا وَهُوَ غُلَامٌ جَفْرٌ . قَالَتْ : فَقَدِمْنَا عَلَى أُمَّهُ فَقُلْنَا لَهَا ، وَقَالَ لَهَا أَبُوهُ رُدُّوا عَلَيْنَا ابْنِي فَلْنَرْجِعْ بِهِ فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ . قَالَتْ : وَنَحْنُ أَضَنُّ بِشَأْنِهِ لِمَا رَأَيْنَا مِنْ بَرَكَتِهِ قَالَتْ : فَلَمْ نَزَلْ بِهَا حَتَّى قَالَتْ : ارْجِعَا بِهِ . فَرَجَعْنَا بِهِ فَمَكَثَ عِنْدَنَا شَهْرَيْنِ . قَالَتْ : فَبَيْنَا هُوَ يَلْعَبُ وَأَخُوهُ يَوْمًا خَلْفَ الْبُيُوتِ ، يَرْعَيَانِ بِهِمَا لَنَا إِذْ جَاءَنَا أَخُوهُ يَشْتَدُّ ، فَقَالَ لِي وَلِأَبِيهِ : أَدْرِكَا أَخِي الْقُرَشِيَّ ، قَدْ جَاءَهُ رَجُلَانِ فَأَضْجَعَاهُ فَشَقَّا بَطْنَهُ ، فَخَرَجْنَا نَحْوَهُ نَشْتَدُّ ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ مُنْتَقِعٌ لَوْنُهُ ، فَاعْتَنَقَهُ أَبُوهُ وَاعْتَنَقْتُهُ ، ثُمَّ قُلْنَا : مَالَكَ أَيْ بُنَيَّ ؟ قَالَ : " أَتَانِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بَيَاضٌ فَأَضْجَعَانِي ثُمَّ شَقَّا بَطْنِي ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا صَنَعَا " . قَالَتْ : فَاحْتَمَلْنَاهُ فَرَجَعْنَا بِهِ ، قَالَتْ : يَقُولُ أَبُوهُ : وَاللَّهِ يَا حَلِيمَةُ ، مَا أَرَى هَذَا الْغُلَامَ إِلَّا قَدْ أُصِيبَ ، فَانْطَلِقِي فَلْنَرُدَّهُ إِلَى أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ بِهِ مَا نَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ . قَالَتْ : فَرَجِعْنَا بِهِ إِلَيْهَا فَقَالَتْ : مَا رَدَّكُمَا بِهِ ؟ وَقَدْ كُنْتُمَا حَرِيصِينَ عَلَيْهِ . قَالَتْ : فَقُلْتُ : لَا وَاللَّهِ إِنَّا كَفَلْنَاهُ وَأَدَّيْنَا الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْنَا فِيهِ . ثُمَّ تَخَوَّفْتُ الْأَحْدَاثَ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : يَكُونُ فِي أَهْلِهِ ، قَالَتْ :فَقَالَتْ أُمُّهُ : وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِكُمَا ، فَأَخْبِرَانِي خَبَرَكُمَا وَخَبَرَهُ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ بِنَا حَتَّى أَخْبَرْنَاهَا خَبَرَهُ ، قَالَتْ : فَتَخَوَّفْتُمَا عَلَيْهِ ؟ كَلَّا وَاللَّهِ ، إِنَّ لِابْنِي هَذَا لَشَأْنًا ، أَلَا أُخْبِرُكُمَا عَنْهُ ؟ إِنِّي حَمَلْتُ بِهِ فَلَمْ أَرَ حَمْلًا قَطُّ كَانَ أَخَفَّ وَلَا أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهُ ، ثُمَّ رَأَيْتُ نُورًا كَأَنَّهُ شِهَابٌ خَرَجَ مِنْ حِينِ وَضَعْتُهُ ، أَضَاءَتْ لِي أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى ، ثُمَّ وَضَعْتُهُ ، فَمَا وَقَعَ كَمَا تَقَعُ الصِّبْيَانُ ، وَقَعَ وَاضِعًا يَدَهُ بِالْأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، دَعَاهُ وَالْحَقَا بِشَأْنِكُمَا . صحيح ابن حبان (6441) حسن = الأتان : الحمار يقع على الذكر والأنثى ، والأتَانُ الحمارَةُ الأنثى خاصَّةً = سنة شهباء : ذات قحط وجدب ، والشهباء الأرض البيضاء التي لا خضرة فيها لقلة المطر من الشهبة ، وهي البياض فسُمِّيت سنة الجدب بها = الشارف : الناقة المسنة التي ارتفع لبنها = الجفر : الصبي يقرب البلوغ = انتقع لونه : تغير من خوف أو ألم الدروس والعبر: أ- بركة النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة حليمة: فقد ظهرت هذه البركة على حليمة السعدية في كل شيء، ظهرت في إدرار ثدييها وغزارة حليبها، وقد كان لا يكفي ولدها، وظهرت بركته في سكون الطفل ولدها، وقد كان كثير البكاء مزعجًا لأمه يؤرقها ويمنعها من النوم، فإذا هو شبعان ساكن جعل أمه تنام وتستريح، وظهرت بركته في شياههم العجفاوات التي لا تدر شيئًا، وإذا بها تفيض من اللبن الكثير الذي لم يُعهد. ب- كانت هذه البركات من أبرز مظاهر إكرام الله له، وأكرم بسببه بيت حليمة السعدية التي تشرفت بإرضاعه، وليس من ذلك غرابة ولا عجب ، فخلف ذلك حكمة أن يُحب أهل هذا البيت هذا الطفل ويحنوا عليه ويحسنوا في معاملته ورعايته وحضانته، وهكذا كان فقد كانوا أحرص عليه وأرحم به من أولادهم . جـ- خيار الله للعبد أبرك وأفضل: اختار الله لحليمة هذا الطفل اليتيم وأخذته على مضض؛ لأنها لم تجد غيره، فكان الخير كل الخير فيما اختاره الله، وبانت نتائج هذا الاختيار مع بداية أخذه وهذا درس لكل مسلم بأن يطمئن قلبه إلى قدر الله واختياره والرضا به، ولا يندم على ما مضى وما لم يقدره الله تعالى. د- أثر البادية في صحة الأبدان وصفاء النفوس، وذكاء العقول: قال الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله-: وتنشئة الأولاد في البادية، ليمرحوا في كنف الطبيعة، ويستمتعوا بجوها الطلق وشعاعها المرسل، أدنى إلى تزكية الفطرة وإنماء الأعضاء والمشاعر، وإطلاق الأفكار والعواطف. إنها لتعاسة أن يعيش أولادنا في شقق ضيقة من بيوت متلاصقة كأنها علب أغلقت على من فيها، وحرمتهم لذة التنفس العميق والهواء المنعش." وقد أحبها النبي صلى الله عليه وسلم حُبّا كبيرًا؛ حتى إنه لما أخبرته إحدى النساء بوفاتها -بعد فتح مكة- ذرفت عيناه بالدموع عليها.